تلفزيونات جديدة ثلاثية الأبعاد في المنازل العام المقبلالإعلانان الصادران عن «سوني» و«باناسونيك» مؤخرا أن التلفزيونات ثلاثية الأبعاد ستكون في المنازل ابتداء من العام المقبل، هما إشارة إلى أن هذه التقنية تحررت مؤخرا من مجرد فكرة لتصبح واقعا حقيقيا، إلا أن هذه التقنية الجديدة لا تزال في بداية الطريق.
وعلى الرغم من العناوين والإعلانات التي تقول إن عرض الصور والمشاهد ثلاثية الأبعاد في المنزل هو الجزء الأبسط، فإن إعادة تحوير الصناعة هذه برمتها لإنتاج منتجات مختلفة تماما هو الأكثر مدعاة للتحدي، خاصة فيما يتعلق بقدرة تقنية البعدين في البقاء والاستمرار، مع ظهور التقنية الجديدة، وكيفية تفاعل المشاهدين معها، وهي أمور غير معروفة بعد.
وكما هو الحال مع أشرطة كاسيت الفيديو القديم وصيغ «دي في دي» المختلفة، سيكون هناك تنافس ومشاحنات أيضا في ما يتعلق بصيغ التقنية الجديدة أيضا. فـ«سوني» و«باناسونيك» تقولان إنهما سيوفران خبرة كاملة في ما يخص الوضوح والتحديد العاليين HD عن طريق تجزئة الأجهزة والعتاد بين التلفزيون وزوج من «الزجاج الفعال». لكن أولى المحطات التلفزيونية ثلاثية الأبعاد، بما في ذلك «بي إس 11» في اليابان، و«بريتش سكاي برودكاستينغ»، التي ستطلق قناة خاصة في بريطانيا العام المقبل، ستعتمد الاستقطاب ثلاثي الأبعاد، الأسلوب الذي بات شائعا في السينما.
وتكلفة بث المشاهد ثلاثية الأبعاد هو السبب الكامن وراء خيار محطات البث التلفزيوني اعتماد هذا الاستقطاب، كما يقول توم مارود المحلل في مؤسسة «سكرين دايجيست» المتخصصة بتحليل الوسائط المتعددة، فإن بث المشاهد بالأبعاد الثلاثة عالية الوضوح يتطلب ضعف النطاق العريض للبث بالبعدين، في حين أن التحديد المنخفض عن طريق الاستقطاب هو أرخص تكلفة لأغراض البث.
لكن تكاليف تعقيدات البث والمشاهدة من المنزل ما هي إلا بداية المشكلة، لأن «علم التصوير بالأبعاد الثلاثة لا يزال في بدايته» كما يقول مايك فيشر من «فيوتشر سورس كونسلتنغ» المؤسسة المتخصصة في تحليل الوسائط، «فإزعاجات التصوير التي ترافق النظم الجديدة لا يزال تعلمها واستيعابها وتطويرها جاريا»، كما نقلت عنه مجلة «نيوساينتست» العلمية البريطانية.
وعلى الرغم من قرب ظهور الأجهزة المنزلية ثلاثية الأبعاد، فإن ريتشارد يووارت من شركة الإنتاج التلفزيونية «أرينا تي في» في المملكة المتحدة يقول إنه لا توجد إشارة بعد إلى معدات كاميرات تجارية ثلاثية الأبعاد لأغراض إنتاج الأفلام عن طريق التقنية الجديدة. وأضاف: «أعتقد أن هذا الاتجاه، قد أخذ الصانعين على حين غرة».
وكانت شركة «أرينا» قد حازت أفضل النتائج حتى الآن عن طريق ربط كاميرتين خفيفتي الوزن من النوع عالي التحديد معا على تجهيز ثابت قياسي، لكن نتيجة ذلك فقدان المرونة التي تتيحها الكاميرا ثنائية الأبعاد.
ولكي تلتقط العين الصور ثلاثية الأبعاد، يجري تنظيم المسافة الفاصلة بين عدستي كاميرتين، وفقا لبعد الجسم المراد تصويره. وهذا ما يشكل مشكلة عندما يكون هذا الجسم يتحرك باتجاه الناظر، كما يقول يووارت. ولدى تصوير حلقة عن العائلة المالكة البريطانية في أوائل العام الحالي وجد يووارت أن عليه أن يعدل هذه المسافة الفاصلة بين الكاميرا والهدف، مع إعادة تأطير الصور وتركيزها مرات عدة، بينما كان الموكب الملكي يقترب من الكاميرا. من هنا «يتوجب أن تكون هناك كاميرات عدة متوفرة للتنقل والتحول بينها لكي يسنح الوقت للقيام بهذه التعديلات » كما يقول.
لكن لـ«سكاي» نظرتها لحل هذه المشكلة، كما يقول جيري أو سوليفان الذي يترأس عمليات التطوير في الشركة، إذ إن فريقه يجري اختبارات على تجهيزات متنقلة آليا قادرة على التوافق مع المسافات الفاصلة لإعادة بعض المرونة للقطات الثنائية والثلاثية الأبعاد. وبذلك «تكون لنا الحرية المطلقة في تثبيت وتقريب وتركيز الصور» على حد قوله.
وحتى مع هذه الحرية، ينبغي أن يكون التصوير ثلاثي الأبعاد مختلفا. فالدماغ البشري يتطلب مزيدا من الوقت لمعالجة وتحليل المشاهد ثلاثية الأبعاد، استنادا إلى يووارت، مما يعني أن اللقطات القصيرة قد تحير المشاهدين، «خاصة في الأحداث الرياضية، لأن هناك فترات قطع بين اللقطات بين كل ثانيتين إلى ثلاث، في حين أننا نتحدث عن خمس إلى عشر ثوان بالنسبة للقطة الفردية بالأبعاد الثلاثة» كما يقول.
فإذا أرغمت القوى ثلاثية الأبعاد محرري التصوير على إبطاء فسحات القطع هذه، فإن ذلك سيعكس الاتجاه السائد والراسخ نحو المشاهد القصيرة التي خضع معدل طول لقطاتها إلى زوالها بشكل ثابت طوال عقود كاملة.
وعلى الرغم من أن عناوين الصحف والمستهلكين على السواء يركزون على تكلفة هذه التقنية الجديدة من «سوني» و«باناسونيك»، فإن قصتها الحقيقية لا تزال وراء الستار، في الوقت الذي تكافح شركات الإنتاج للتأقلم معها.